الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

تشييع الجامعة العربية يُبدِّد المفاهيم السرابية

الحبر الأصفر
تشييع الجامعة العربية يُبدِّد المفاهيم السرابية

قَبل أَيَّام، جَمعنِي لِقاءٌ بعَددٍ مِن المُثقَّفين، وتَنَاولنَا إمكَانيَّة تَدخُّل الجَامِعَة العَربيَّة؛ ودُورها المُتوقَّع؛ إذَا مَا تَم نَقل السِّفَارة الأَمريكيَّة إلَى القُدس الشَّرقيَّة –كَمَا تَردَّد مُؤخَّراً- وكَان رَأيي العَرْفجي أَنَّ الجِامِعَة لَن تُقدِّم أو تُؤخِّر كعَادتهَا.. فخِلَال عِشرين عَامًا مِن الكِتَابَة، انتَقدتُ جَامعة الدّول العَربيَّة عَشرَات المَرَّات، وكَان النَّقد يَرتَكز عَلى المَفاهيم؛ التي تَقوم عَليهَا الجَامِعَة وهَشَاشتها وضَبَابيّتها، وأنَّها لَا تُؤدِّي إلَّا إلَى مَزيدٍ مِن الخِلاف والاختلَاف، والتَّحَاسُد بَين أَعضَاء هَذه الجَامِعَة..!
لَا يُمكن للجَامِعَة أَنْ تَقَوم عَلى مَفَاهيم مَعنويَّة؛ يَصعب قِيَاسهَا، فشِعَارَاتهَا تَقوم عَلى مَفاهيم مِثل: "أُمَّة عَربيَّة وَاحِدَة ذَات رِسَالَة خَالِدَة"، ولَو سَأَلتَ ثَلاثَة أَشخَاص عَن تَفسِير مَعنَى الأُمَّة، لاختَلفوا فِي تَفسيره، ولَو سَألتهم عَن مَعنَى الرِّسَالَة لاختَلفوا فِي تَفسير ومَضمون هَذه الرِّسَالَة..!
أَكثَر مِن ذَلك، تَقوم الجَامِعَة عَلى مَفاهيمٍ مِثل" "المَصير المُشتَرك"، و"وِحْدَة الدَّم"، و"وِحْدَة اللُّغة"، و"وِحْدَة الدِّين"، و"وِحْدَة الجِوَار".. ولَو استَعرَضَتَ هَذه المَفاهيم ببسَاطَة، لوَجَدتَ أنَّها تُسَاعد عَلى التَّفرقَة، أكثَر مِمَّا تُسَاعد عَلى الجَمْع، والشَّوَاهِد والوَقَائِع وَاضِحَة صَارِخَة عَلى أَرض الوَاقِع..!
نَعم انتَقدتُ الجَامِعَة مُنذ سَنوَات، والبَعض فَعَل مِثلي، وبَعد أَنْ انتَقدنَاهَا، وَاجَهنَا انتقَادَات حَادَّة مِن كُلِّ الشَّرَائِح المُثقَّفة، ومَع مرُور الأيَّام لَم نَتنَازل عَن النَّقد، بَل الجَديد أَنَّ بَعض مَنسوبي الجَامِعَة بَدَأ يُردِّد مَا قُلنَاه، وإذَا كَان لَابُدَّ مِن الاستشهَاد، فسَأستَشهِد بكَلام "عمرو موسى"، الذي يُعتبر مِن أَقوَى وأَنشَط مَن مَرّوا عَلى الجَامِعَة، حَيثُ يَقول: (شِعَار "أُمَّة عَربيَّة وَاحِدَة ذَات رِسَالَة خَالِدَة"، كَلامٌ فَارِغ، فنَحنُ لَا نَتحدَّث عَن أُمَّة عَربيَّة وَاحِدَة، بَل عَن عَالَم عَربي، فِيهِ المُسلمون والمَسيحيّون، والسُّنَّة والشِّيعَة، والعَرَب والأكرَاد والأَمَازيغ، و70% مِن العَالَم العَربي مِن الشَّبَاب، وأَصبَح بإمكَانهم التَّواصُل مَع الشَّبَاب في جَميع أَنحَاء العَالَم، وبَاتُوا يَتثقَّفون بأفكَارٍ دَوليَّة)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَتسَاءَل عَن التِفَاف المَجموعَة الأُوروبيَّة حَول بَعضهَا، ونَتعجَّب مِن ذَلك، ومَا عَلِمْنَا أَنَّ سَبَب التفَافهَا واتِّحَادها؛ هو الاختلَاف والتَّنوُّع، وفِي المُقَابل، نَحنُ بَنينَا الجَامِعَة عَلى مَفهوم التَّشَابُه والتَّطَابُق..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!