الخميس، 28 نوفمبر 2019

صراع الشجن بين جريدتي المدينة والوطن

صراع الشجن بين جريدتي المدينة والوطن

قَبل أيَّام اتَّصل بي الشَّاعر المُتألِّق "أحمد التِّيهاني" مِن جَريدة "الوَطن"، نَاقلاً لِي رَغبة رَئيس تَحرير جَريدته، الصَّديق الخَلوق "أبوتركي - طلال آل الشيخ"، بأن أنتَقل إلى جَريدة الوَطن؛ لأكتُب خَمس مَقالات في الأسبوع، مُقابل جُعل مَالي مُغرٍ..!
والحَقيقة أنَّني أمَام مَأزق أخلَاقي؛ ومُنعطف خَطير؛ يَتجاوز كُلّ المُنعطفَات التي مَرَّت بهَا الأُمَّة العَربيّة، بَل وَصَلَت بِي الحيرَة؛ إلَى أن أُعانِي مِن تِلك المَتاعب التي جسّدها "الشَّاعر الشَّعبي" في هَذا البَيت حِين قَال:
يَا شِينها لا صِرت بين اختيارين
مُستقبلك ولَّا حَبيب تحبّه
فعَلَى الجَانب الأوّل: "المَدينة" هي بَيتي، وفِيها نَشأتُ وتَرعرعتُ، وهي أُمِّي "الصَّحفيّة" التي استَوْعَبَت حَمَاقَاتي، ومُراهَقتي الكِتَابيّة، وكُنتُ ومَازلتُ الطِّفل المُدلَّل فِيها، ذَلك الطّفل الذي يَجد العِنَاية مِن لَدُن رَئيس التَّحرير، حتَّى أصغَر مُوظَّف في الجَريدة، بَل إنّهم مِن دَلالهم لِي لا يَردّون لِي مَقالَة، رَغم أنَّ بَعض مَقالَاتي لا تَعدو أن تَكون مُشاغبَات طِفل، "يشخبط" علَى جدَار الفَصل في المَدرَسة، كَما أنَّ "المَدينة" -فَوق ذَلك- لَم تَفعل لِي مَا يُوجب الهَجْر، أو يَستدعي الطَّلاق، بَل هي تَفرش لِي الطَّريق وَرداً وزَهراً، ونَشراً وانتشَارا..!
ومِن الجَانب الآخَر: هَذا عَرض "الوَطن"، ومَا أدرَاك مَا الوَطن، ومَن منَّا لا يُحب الوَطن، خَاصَّة إذَا كَان يُعطيك المَال الوَفير، ويَجعلك تَطلُّ عَلى ضَفّة أُخرى مِن القُرَّاء، وقطَاع غَزة جَديد؛ لَم يُحالفه الحَظ أن يَقرأني في جَريدة "المَدينة"..!
وحِين نَاقشتُ الأمر مَع صَديق لِي قَال: يا "أحمد"، نَحن نَعيش في عَصر الاحترَاف، فلمَاذا لا تَحترف -بَعد مُوافقة جَريدة "المَدينة"- لمُدّة عَام في نَادي "الوَطن"، وبَعدها تُقيِّم التَّجربتين..!
حَسنا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: أُقسم لَكم بالله أنَّني كُنتُ في حِيرَة؛ كحِيرَةِ الحِمار الذي وَقَف في مُنتصف الطَّريق، لا يَعرف إلَى أي الحَديقتين يَذهب، فهُناك جَرس في عَقلي يَقول: (احذر يَا أحمد، فالعَرب تَقول: "مَن خَرَج مِن دَاره قَلَّ مقدَاره"، و"المَدينة" هي دَارك).. وهُناك جَرس ثَانٍ في دمَاغي الأيسَر يَقول: (تَوكَّل عَلى الله، واذْهَب إلَى "الوَطن"، فإنَّ النَّحلة تَتنقل بَين الأزهَار)..!
يَا قَوم.. بَعد أن كُنتُ في مَرحلة البَرزَخ بَين حَيَاتين.. عَقدتُ اجتماعاً مَع نَفسي عَلى طَاولة الحيرَة، ودَخلتُ في صرَاع القَلب والعَين، فالقَلب يُريد "المَدينة"، والعَين تُريد "الوَطن"، وبَعد مُفاوضات ومُشاورات، يَبدو أنَّ القَلبَ كَسَبَ الجَولَة، ومَالَ إلى الاستقرَار في "مَدينتي الفَاضلة"..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!