الخميس، 28 نوفمبر 2019

سر الفوضوية في العقلية العربية

الحبر الأصفر
سر الفوضوية في العقلية العربية

العَقليّة العَربيّة تَختلف عَن غَيرها مِن العَقليّات، ومَن يَقول غَير ذَلك، أو يُعارض هَذا القَول، فهو مُكَابِر أو جَاهِل..!
تَأمّل مَعي هَذا المِثَال الذي ذَكرته أكثَر مِن مَرَّة، وأُعيده هُنَا لتَقريب الصّورة، وتَوضيح الأَمر، لتَعرف الفَرْق بَين العَقليّة العَربيّة، وعَقليّة الإنجليز:
إذَا لَم يُدرك العَربي القِطَار، قَال: "فَاتني القِطَار"، بمعنَي أنَّ القِطَار فَاعل، وهو مَفعول بِه مسكِين، لَا حَول لَه ولَا قوّة، بَل القِطَار –حَسبي الله عَليه- انطَلق في وَقته، وهو الذي جَاء بَعد الوَقت بقَليل..!
هَذا هو العَربي، أمَّا الإنجليزي فحِين لا يُدرك القِطَار يَقول:
I missed the train because I delayed it، بمعنَى: فَاتَني القِطَار لأنِّي تَأخَّرتُ عَليه، أي أنَا الفَاعِل وأنَا المُخطئ، والقِطَار مَفعول بِهِ مسكِين، لَا ذَنب لَه في حَمَاقتي وتَأخُّري..!
هَذا مِثَال بَسيط؛ يُمكن أن تُقاس عَليه عبَارات كَثيرة، مِثل: "خَانني التَّعبير"، لأنَّ التَّعبير لَا يَخون أَحَد، وعِبَارة: "السُّؤال يَطرح نَفسه"، فالأسئلَة لَا تَطرح نَفسها، بَل يَطرَحها البَشر؛ مَع سَبق الإصرَار والترصُّد..!
هَذه نَظريّتي العَرفجيّة التي تَقول باختلَاف العقُول، كُنتُ أُؤمن بِهَا، وأَتوجّس مِن نَشرها بَين النَّاس، ولَكنَّني الآن أقُولها بكُلِّ شَجَاعَة، عِندَما تَطابقت نَظريّتي مَع نَظريّة المُفكِّر الكَبير "إدوارد سعيد"، حَيثُ كَتَب في جَريدة الحيَاة في عَام 1993 قَائلاً: (حِين أُخَاطب العَالَم الغَربي؛ أكتُب وفي ذِهني تَوقّعات مُعيّنة، وحِين أكتُب إلَى الجمهُور العَربي أو أُخَاطبه، تَكون في ذِهني تَوقّعات مُختلفة، ولَكن مَضمون مَا أَقوله في الحَالين وَاحِد، وإن اختَلَف الأسلُوب والنقَاط التي أُركّز عَليها)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَبدو أنَّ العقُول تَتأثَّر بالجُغرَافيا، لذَلك قَبل أنْ تُخَاطبوا الإنسَان اسألوه: مِن أَين أَنت؟ حتَّى تَعرفوا شَكل عَقله، ومسَاحة طوله وعَرضه..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!