الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

تبريرات العرب.. حِيَل للهرَب !

الحبر الأصفر
تبريرات العرب.. حِيَل للهرَب !

قَبْل أيَّام نَشرتُ كِتَابة بعنوَان: "ويلٌ للعَرَب مِن تَبرير اقتَرَب"، بَيّنتُ فِيهِ بالأدلّة والبَراهين؛ كَيف أنَّ العَقل العَربي يَحتَال عَلى الأخطَاء التي يَرتكبها، حتَّى يُحمّلها غَيره، فإذَا تَأخّر عَلَى الطَّائِرة -التي يَعرف كُلّ النَّاس مَوعد إقلَاعها- لَا يَقول: "لقَد تَأخَّرتُ عَلَى الطَّائِرَة"، بَل يَقول: "فَاتتني الطَّائِرَة"، وكَأنَّ الطَّائِرَة "الحيوَانة"؛ هي التي هَربت مِنه، وهي الفَاعلة والخَائِنَة..!
هَذه الكِتَابَة أَحدَثَت تَفَاعلاً؛ مِن المُمكن أنْ نَصفه بالجيّد جِدًّا، ويَكفي أنَّ أصدقَاء فَاخرين مِثل "أبوالشيماء" محمد سعيد طيّب، و"أبوشهاب" بدر الخريف، اتّصلا لَيس للإشَادَة فَقَط، بَل لطَلَب المَزيد مِن العَزْف عَلَى هَذا الوَتَر، وهَا أنَا أَستجيب لَهُمَا..!
مَثلاً، يَعيث ويَعبث المُفسدون بالأوطَان العَربيّة، ولَكن العَقل العَربي يَجبُن عَن الإشَارة إلَى المُفسدين، لذَلك يَقول: "انتشَر الفَسَاد بَين النَّاس؛ واستشرَى في مَفاصل بَعض القِطَاعَات الحكوميّة"، وكَأنَّ الفَسَاد شَبَح لَيلي، يَخدم نَفسه بنَفسه..!
أمَّا إذَا أَصَاب التُّجار الجَشَع، ورَفعوا الأسعَار لامتصَاص آخَر قِرش مِن جيوبنَا، فإنَّ أَصَابع الاتّهام –مَع الأَسَف- لَا تُشير إلَى الفَاعلين الحَقيقيّين وهُم التُّجار، بَل نَتّجه إلَى الحَلَقَة الأضعَف، وهي "الأسعَار"، فنَقول "ارتَفَعَت الأسعَار"، وكأنَّ الأسعَار غُول يَدخل إلَى المَتَاجِر في اللَّيل، ويَصعد السلّم، ويُغيّر الأرقَام، ليَجعل سَافلها عَاليها..!
مِن نَاحيةٍ ثَالثة، يَدخل رَجُل إلَى المَجلس، ولَه عَينَان لَا يَستفيد مِنهما، فيَركل الكَأس برِجله، فتنكسَّر إلَى بِضع وسَبعين قِطعَة مِن الزُّجَاج المُتنَاثر، ثُمَّ يَلتفتُ إلَى الحَاضرين، وبرَاءة الأطفَال في عَينيه، قَائلاً: "يا الله، لقَد انكسَرتْ الكَأس"، وكأنَّ الكَأس "الغَبيّة"؛ هي التي تَدحْرَجت تَحت قَدمه، وهو وَاقف في مَكانه..!
ومِن نَاحيةٍ رَابعة، يَجلس العَاطِل مُتمتِّعاً بكَسلهِ، وتَأتي الفُرص وتَذهب دُون أنْ يَقتنصها، بَل يَتلذّذ بإضَاعتها، ولَكنّه لَا يَعترف بأنَّه هو السَّبب في ذَلك، ثُمَّ يَقول بَعد فَوَات الأوَان: "لقَد ضَاعت الفُرصة"، وهَذا الوَصف يَستخدمه أَيضاً؛ كُلّ مُهاجم بَليد أمَام المَرْمَى، حِين يَفشل في تَسديد الكُرَة، فيُلقي اللَّوم عَلى الأقدَار، قَائلاً: "يا الله، لقَد ضَاعت الفُرْصَة"..!
حَسناً.. ماذا بقي؟!
بَقي أنْ نُراجع صِيَغ الكَلام لَدينا، حتَّى لَا نَخلط بَين المُجرم والضَّحيّة، أو يَلتبس عَلينا الفَاعِل مَع المَفعول بِهِ، لأنَّنا إذَا لَم نُحدّد مَن هو المُخطئ، فمِن المُستَحيل أنْ نُعالج الخَطأ..!!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!