رَسَائِل الجَوَّال.. دِيوَان العَرَب ..!
يزعم هذا القلم أنَّه أوَّل مَن تنبَّأ بمستقبل رسائل الجوَّال، حين نَشرتُ مقالاً -بتاريخ 27/6/2001م في ملحق الأربعاء- تحت عنوان: "رسائل الجوال ديوان العرب القادم".. مشيراً إلى أنَّ هذه الرَّسائل يجب أن تُدرس وتُحلَّل، وأنَّها ستحل محل الشِّعر، والآن وبعد سنوات، هناك مَن يكتب متجاهلاً الحق التَّاريخي لقائل هذه الفكرة، وكأنَّه اكتشف "مثلّث برمودا"، ولم يعلم هذا المُكتشف أنَّه جاء مُتأخِّراً بسنوات، لا عذر له إن كان فيها نائماً، عندما كان غيره يقرأ ويُحلِّل، ويلتقط ويُبدع.. ولن أتورَّع عن ذكر هذا الحق التَّاريخي، فهناك مَن يسرق الأراضي والأملاك العامَّة ويتباهى بذلك، فلماذا يُعاتَب المرء حين يذكر فكرة سُرقت منه، ولا يُعاتَب مَن يسرق ويأتي وبراءة الأطفال في عينيه؟!
أكثر من ذلك، فقد فُتح في "ملحق الأربعاء" -أكثر مِن مرَّة- ملفًّا للنّقاش بعنوان: "رسائل الجوال ديوان العرب القادم".. وهذه الفكرة التقطها بعد سنوات الباحث د. عبدالرحمن المحسني، وأعدّ دراسة جميلة صدرت فيما بعد في كتاب عن "رسائل sms"!
ومن بعده جاءت الدّكتورة "لمياء باعشن" في كتابها "زوايا الدَّائرة"، لتدرس وتتراسل مع طائفة مِن الأدباء لتكون رسائلهم وتفاعلهم مادة لكتابها!
كُلّ هذا لا يهمني، لأنَّني أتركه للتَّاريخ، وللباحثين عن "النَّسب الفكري لأي فكرة"، وما يهمني –هنا- أن أكتب عن زميلة لنا في جامعة "برمنجهام" اسمها "كارولين"، حصلت قبل شهرين على درجة الدّكتوراة في دراسة نصوص "رسائل الجوَّال"!
هذه الباحثة أنفقت قرابة ثلاثة سنوات ونصف، في دراسة نصوص رسائل الجوَّال، لتأتي رسالتها في حدود (80) ألف كلمة، كما هو مُحدد في رسائل الدّكتوراة في هذه الجامعة!
وقد اعتمدت الباحثة على أصدقائها، حيث جَمَعَتْ أكثر مِن (11.000) رسالة، تحتوي على (190.000) كلمة، مُرسلة بواسطة (235) شخصاً وشخصة!
ومِن المستحيل أن أذكر أهم النّتائج التي توصَّلت إليها الباحثة، ولكن مِن الممكن القول: إنَّها لاحظت أنَّ الاختصار أبرز ما يُمثِّل هذه الرَّسائل، لتعتبر أنَّ الثّرثرة هي العدوّة اللَّدودة لهذا النّوع مِن الرَّسائل!
كما أنَّ أغلب الرَّسائل تافهة، مثل: "لا تحضر حفائظ للأطفال، لأنَّني خلاص اشتريت"، أو رسالة تقول: "كثّر الكُرَّاث إذا أردت شربة كُرَّاث"، أو "احضر ليمون لأنَّني طابخة ملوخيّة اليوم"!
وأبرز ما لاحظته الباحثة، أنَّ الرَّسائل -في أغلبها- "تخلو مِن الإبداع، ولكنها رسائل مُعبِّرة"!
وقد كانت الباحثة -"الآنسة كارولين"- فرحة جداً، لأنَّ كُلّ مستويات اللغة الإنجليزيّة قد دُرست إلَّا رسائل الجوَّال، وهي سعيدة بأنَّ هذه الفجوة يتم سدَّها على يديها!
وقد وَعَدَتْ الباحثة بأن تكون دراستها القادمة حول رسائل جوَّالات الأطفال، لما فيها مِن البراءة والصّدق والمباشرة.. وقد أُعجبت الجامعة بهذه الباحثة فعيّنتها عضوة في هيئة التّدريس!
حسناً.. ماذا بقي؟!..
بقي القول: إنَّ المجتمعات الحيّة لا تتورَّع عن دراسة أي ظاهرة، أو أي فكرة، طالما أنَّها أصبحت مَاثلة بين العيون، ويتداولها النَّاس، وانتقلت مِن الواقع بعد أن كانت في "ساحة الظّنون"!.
أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق