الجمعة، 29 نوفمبر 2019

المَرأة المُتوارية.. أو "كُلّه مَامَا مَا فِي" ..!

المَرأة المُتوارية.. أو "كُلّه مَامَا مَا فِي" ..!

رَكبتُ مَرَّة مَع سَائِق تَاكسي، فسَألني بلُغتهِ العَربيّة وفق القَواعد الهِنديّة، قَائلاً: (كُلّه بَلد مَغسلة، مَطاعم، شَغَّالة، مَحل خياطة، حُرمة إيش سَوّي في البَيت)..؟! هَذا السُّؤال رَغم لُغته المكسّرة، وكأنَّه سَقط مِن جَبل، زَرَع سُؤالاً آخر عَن دور النِّساء في القَرن الوَاحد والعشرين..؟! تَأمَّلوا حَياة أكثَر النِّساء اليَوم، إنَّها عِبارة عَن سلسلة مِن «الخَرجَات»، التي لَيس فِيها إلَّا التَّلهُّف خَلف أنوَاع الجَوَّالات، وأحدَث المُوديلات، والمَطاعم التي تُقدِّم أكلاً لَذيذاً.. لقد تَوقَّف دور المَرأة عَن الإنتَاج، وأصبح كُلّ هَمّها تَفعيل خَاصيّة «الاختيَار والتذوُّق»، بحيثُ تَصف هَذا بأنَّه جَميل، وذَلك بأنَّه حلو، وذَلك الطَّعام بأنَّه لَذيذ.. ولَم تُفكِّر يَوماً بأن تَكون هي صَانعة هَذا الطَّعام، أو مُحاولة إيجَاد مِثله.. رَحم الله مَن قَال: (المَرأة شرٌّ كلُّها، وشرُّ مَا فِيها أنّه لابد مِنها).. فلَو عَاش في عَصرنا لقَال: (إنَّها شَرٌّ ويُمكن الاستغنَاء عَنها).. مَا أغبَى المَرأة عِندما تَنازلت عَن دَورها في بناء الأُسرَة، ووكَّلت كُلّ مَهامها للشغَّالة، لتُصبح وَعاء لإنجَاب الأطفَال، الذين سيَكون مَصيرهم إلى أيدي «الخَادِمَات الآسيويّات»، الأمر الذي يَطرح سُؤالاً عَن مَدى البِرّ الذي يَجب أن يَردّه هَؤلاء الأطفال لأمَّهاتِهم عِندما يَكبرون، وهُنَّ اللواتي لَم يَبذلن أي جُهد في رعاية صِغارهن..؟! وقد سَمعتُ مُؤخَّراً أنَّ أحد هَؤلاء الأطفَال -الذين تَربُّوا عَلى أيدي (نِساء شَرق آسيا)- عِندَما كبر أحضر لأمّه عَشر علب مِن الحَليب قَائلاً: (هَذا كُلّ مَا لَكِ في ذمَّتي).. لقَد كَان الشَّاعر "علقمة بن الفحل" شُجاعاً، عِندما وَصف النِّساء بأنَّهن (نَفعيّات) يَركضن - بذَرائعيّة نَادرة- خَلف مَصالحهن، حيثُ يَقول في ذَلك:
فإنْ تَسألُونِي فِي النِّسَاء، فإنَّني
بَصيرٌ بأدوَاء النِّسَاء طَبيبُ
إذَا شَاب رَأسُ المَرء، أو قَلَّ مَالَهُ
فَلَيس لَه فِي وُدِّهن نَصِيب
وبالتَّأكيد فإنَّ المَرأة التي يَصفها الشَّاعر كَانت امرأة الزَّمن المَاضي، أمَّا المَرأة المُعاصرة فهي لا تَنظر إلى شِعر الرَّجل أو مَاله.. بَل تَحوّل دَورها إلى فَراغٍ عَريض، فَراغ جَعل حياتها حَياة مُملَّة، ليست أكثَر مِن التَّسكُّع في الأسواق، والاعتلاف مِن المَطاعم، والتَّفنُّن في صَرف الأموَال، ونَثرها في الجِهَات الأربع.. أعلم أنَّ هُناك نِساءً مُكافحات، يُصارعن قَسوة الزَّمن، ووحشة المَكان، نِسَاء قَصدهن الفيلسوف "سقراط" عِندما قَال: (أعظم امرأة هي التي تُعلّمنا كيف نُحبّ ونَحنُ نَكره، وكيف نَضحك ونَحنُ نَبكي، وكيف نَصبر ونَحنُ نَتعذَّب).. لمَاذا تَنازلت المَرأة عن دَورها في الحياة الاجتماعيّة، وكأنَّها تلك التي صَوّرها "جان جاك روسو" عِندما قَال: (المَرأة كَائِن طَويل الشَّعر، قَصير التَّفكير)..؟! لمَاذا صَارت المَرأة غَبيّة للحدِّ الذي يَنطبق عليها المَثل البُرتقالي القَائِل: (لا تَحزن المَرأة عَلى قلّة مَا عندها، بَل عَلى كَثرة مَا عند غَيرها)..؟! لقَد قَال الفيلسوف "جورج برنارد شو": (المَرأة ظِلُّ الرَّجُل، عَليها أن تَتْبعه لا أن تَقوده).. مسكين جورج هذا، ليته يَعلم أنَّ المَرأة الآن لَم تَتبع الرَّجُل، ولَم تَقُده، بَل تَركت لَه الجَمَل بِمَا حَمَل، وأصبحت مُتفرِّغة هي لقَضايا الخروج والشّراء والأكل..!.

أحمد عبدالرحمن العرفج
Arfaj555@yahoo.com


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!