الخميس، 28 نوفمبر 2019

استحضار السكينة بسيرة المدينة

الحبر الأصفر
استحضار السكينة بسيرة المدينة

كَلِمَة "المَدينَة" مَحفورة فِي وِجدَاني، ودَائِماً تَقَع عَلى طَرْف لِسَاني، ولَن أَتحدَّث هُنَا عَن المَدينة "الجَريدة"، وأَعنِي بِهَا هَذه الصَّحيفَة الغَرَّاء، التي أَحتَفِل هَذه السَّنَة بمرُور عِشرين عَاماً؛ عَلى بدء الكِتَابة فِيهَا.. لَن أَتحدَّث هُنَا عَن ذَلك، لأنَّني سأُخصِّص لِهَذه المُنَاسبَة، كِتَابة خَاصَّة تَليقُ بِهَا..!
إنَّ الكِتَابة اليَوم تَستَقصد وتَستَهدِف المَدينة المُنيرَة –عَلى سَاكِن ثُرَاهَا الصَّلَاة والسَّلَام-، تِلك البُقعَة الطَّاهِرَة التي كَانت مَلعباً لطفُولتي، وميدَاناً لدِرَاستي، وفَضاءً جَميلاً لذِكريَات الشَّبَاب، الذي أمرُّ الآن بآخَر مَراحِله..!
نَعَم، المَدينَة المُنيرة امتَصَّت منِّي جَفَاء وقَسوة الأعرَاب، ومَنحتنِي هدُوء السَّكينَة وسَكينة الهدُوء، أَخذَت منِّي الشَّقَاء، وأَعطتنِي الرِّضَا والصَّفَاء والنَّقَاء، سَحَبت منِّي مَنَاطِق الجَهل، وغَذَّتها بالعِلْم الذي يَشعُّ مِن مَنَائِر المَسجد النَّبوي، ومِن مَكتبَات طيبَة الطّيبَة، ومِن جَامِعتهَا الإسلَاميَّة، التي أَتطَاول عَلى أَصدِقَائي فِي بُنيَان المَعرفَة قَائلاً: إنَّني تَخرَّجتُ مِن الجَامِعَة الإسلَاميَّة..!
لقَد كُتِبَت عَن المَدينَة مِئَات الكُتب، وتَحدَّث الرَّكبَان عَن بَركَاتها، وعَن طِيبةِ أَهلهَا، ومِن المُستَحيل أَنْ يَرصد هَذا المَقال؛ ولَو جُزءاً يَسيراً مِن جَوَانِب الجَمَال فِي هَذه المَدينَة، لذَلك سأختَصر كُلّ ذَلك فِي حِكَاية، يَقول رَاويها: إنَّ أَحَد طُلَّاب الشّيخ "أبوبكر الجزائري"، سَأله عَن سَبَب تَعلُّق النَّاس بالمَدينَة، سَواء كَانوا مِن أَهلهَا أَو المُقيمين فِيهَا، ورَفضهم مُقَارنتها بأَي بُقعَة أُخرَى؟، فقَال الشّيخ: (أَليس المنبَر عَلى ترعة مِن تُرع الجَنَّة؟، أَلم يَقل نَبيّنا -صَلَّى الله عَليه وسلَّم-: "مَا بَين بَيتي ومنبري رَوضةٌ مِن ريَاض الجَنَّة"؟، أَليس أُحدٌ جبلًا مِن جِبَال الجَنَّة؟، مَن دَخَل الجَنّة كَيف يَخرج مِنهَا؟، أَلَم تَرَ قَوله تَعالَى عَن أَهل الجَنّة: "لَا يَبغون عَنهَا حِولاً"؟)..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أَنْ نَقُول: سُبحَان مَن خَلَق هَذه المَدينَة؛ التي عُرِفَت بالسَّكينَة والهدُوء؛ قَبل أَنْ تَكون هَذه الأشيَاء مَادة تُدرَّس؛ في كُتب عِلم الاجتمَاع، والحَضَارَة والتَّاريخ..!!

أحمد عبدالرحمن العرفج
T: Arfaj1

Arfaj555@Yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!