الخميس، 28 نوفمبر 2019

بيان السَّعادَة عند المَرأة السِّجَّادَة (2)

بيان السَّعادَة عند المَرأة السِّجَّادَة (2)

في مَقال الأمس نَشر الحِبر أفكَاره، مُوضِّحاً آرَاء بَعض الشّعوب في مَخلوق عَجيب هو "المرأة"، ونَظراً لأنَّ المَرأة تَستحق الكثير، وأنا مِن دُعاة حقوقها، فقَد ارتأى القلم أن يَمدّ الكَلام مِن حَلقة إلى حَلقتين..!
حَسناً.. مَازالت الطَّائرة تَطوف بنا في أرجاء الكَون، لنَتصيّد الشّعوب ونَقبض عليهم، مُتلبِّسين بتُهمة وَصف المرأة وتَشريحها، وقد وَصلنا في آخر رحلة في مَقال الأمس إلى "الهِند".. وها نَحنُ مُضطرِّين نُغادرها لـ"فَرنسا"، حيثُ المُتعة تَأخذ بُعدها الكَامل، لذا يَقول "الفرنسيّون" مُحذِّرين الرِّجَال: "المَرأة والمَال يُضيّعان الرَّجُل"، وفي هذا إنصَاف للمَرأة، بحيثُ تَكون مُعادلة "مَوضوعيًّا" للمَال، الذي يُعتبر عَديل الرّوح، مِن هُنا لا يَسعنا إلَّا أن نَرفع القُبَّعة احتراماً للفرنسيين، الذين أدركوا أنَّ الاحتكاك بالمَرأة يُؤدِّي للضّياع، أمَّا عَن وعود المَرأة، وصِدق تلك الوعود، فلن نَلتَفت لكَلام المُتنبِّي حين قَال:
إذَا غَدَرَتْ حَسنَاءُ وَفَّت بعَهدِهَا
فَمِن عَهْدِهَا أنْ لَا يَدُومُ لَهَا عَهْدُ!!!
لَن نَلتفت لذلك، بل سنَلتقط مَثلاً يُونانيًّا يَقول: "وعود المَرأة تُكتَب عَلى صَفحات المَاء"، وإذا غَادرنا "اليونَان"، سنَجد أنَّ "البلاد اللاتينيّة" بانتظارنا، حيثُ يَربطون الضَّجيج بالمَرأة، ويَقولون: "مَن له بيتٌ هَادئ ليست له زَوجة".. ولا تَسألوني عن صحَّة هذا المَثَل، فأنا ممَّن يَسكنون البيت الهَادئ..!
ومِن العَجيب أنَّني مَكثتُ رُبع قَرن، حتَّى أفهم أنَّ المَرأة مَتى أَقْبَلْتُ عليها أدْبَرَتْ، ومَتى أدْبَرْتُ عَنها أقبَلَتْ، ولكنِّي عندما هَبطتُ إلى "إسبانيا"، وَجدتُ هذا المَثَل مَكتوباً في كُتبهم: "المَرأة كظلّك اتبعها تَهرب، واهرب مِنها تَتبعك".. فيا حسرةً عَلى عُمري الذي أنفقته مِن غير القراءة، ألم أقل لكم: (إنَّ القراءة مِن أمتع مَلذَّات الحياة)..؟!
ومَتى غَادرنا "إسبانيا"، مُتّجهين إلى "الصّين" -بلاد الحِكْمَة والحُكماء، والعَقل والعُقلاء-، ونَظراً لأنَّ الحُكمَاء يَتّفقون فيما بينهم، فإنَّني مُنذ عَهدٍ بَعيد مِن أنصار ضَرب المَرأة، ويا لمَحاسن الصُّدَف، حيثُ إنَّ إخواني الحُكمَاء في "الصِّين"، يَقولون في أمثالهم: "المَرأة كالسِّجَّادة، كُلَّما ضَربتها بالعَصَا، تَخلَّصت مِن الغُبار العَالِق بها ونَظفت"، لذلك استوصوا بالنِّساء "ضَرباً ورَكلاً ورَفساً"، حتَّى يَخرج الغُبار "مَثنَى وثُلاث ورُباع"..!
ونَظراً لأنَّ "الصّين" ليست ببَعيدة عن "رُوسيا"، فقد هَبطنا في مَطار "مُوسكو"، وهناك اكتشفنا حَقيقة الوَضع الفِكري للمَرأة، فَهُم يَقولون: "للمَرأة سَبع وسَبعون رَأياً في آنٍ وَاحد".. واسألوا صَاحب "الحبر الأصفر" عَن هذه السَّبعة والسَّبعين، وما يُنبّئك مِثل خَبير..!
حَسناً.. مَاذا بَقي..؟!
بَقي مَثلٌ تَقوله الدَّولة العَرفجيَّة الفِكريَّة، التي خَرجت مِن دَوري الثَّمانية، -"هذا بمناسبة بدء نهائيّات كأس العَالَم"- مَفاده: "إنَّ المَرأة كالطّفل، إذا لم تَشغلها بالخير، أشغلتك بالغير"، ويَبدو لي أنَّ شعوب الأرض ضيّعت أوقاتها؛ في مُحاولة فَهم المَرأة، لأنَّ هَذا شيءٌ مُستحيل، وكَان يَكفينا مِن كُلِّ هَذه الكومة مِن الأمثال، وَصف "جُبران خَليل جُبران" عندما قَال: "المَرأة خُلقت لنُحبّها لا لنَفهمها"..!.

أحمد عبدالرحمن العرفج

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!