الحبر الأصفر
صلاتي هي راحتي أم سعادتي.. أم نجاتي؟!
عِندَما تَتجوّل في أي مَدينة سعوديّة، ستَلتَقَط ظَاهرة هُنَا، أو خصُوصيّة هُنَاك، ومِثل هَذه المَلامح يَجب أن تُلتقط وتُدرس بعنَاية، حتَّى يَتم الاستفَادة مِنهَا، أو التَّوصُّل إلى جذُورها..!
وقَبل أيَّام زُرت مَدينة بُريدة –بضمّ البَاء-، فلَاحظتُ أنَّ بَعض السيّارَات وُضع عَلى زُجَاجها الخَلفي مُلصق كُتب عَليه: "صَلَاتي نَجَاتِي"، وبَعضها وُضع عَليها مُلصق كُتب عَليه: "صَلاتي رَاحتي"، وبَعضها الآخَر وُضع عَليها مُلصق كُتب عَليه: "صَلاتي سَعَادتي"، وكُلّ جُملة تَدلُّ عَلى كَاتِبها، وكَأنَّ هَؤلاء يَتبَارون في بيَان أثَر الصَّلَاة عَليهم..!
وبحُكم أنَّني عَامِل مَعرفة، وأَحْفُر في حَقل تَفكيك المُفردَات، سأستَعرض شَيئاً مِن عَضلَاتي التَّفكيكيّة؛ لتَفصيل كُلّ عبَارة ومَنبعها..!
فمَثلاً العبَارة الأُولَى تَقول: "صَلاتي نَجَاتي"، وكَاتِب هَذه العِبَارة؛ يَعتبر الصَّلاة طوق نَجاة، ويَتمنَّى أن تُنجيه صَلاته مِن النَّار، ويَنظر إلَى الله –جَلّ وعَزّ- عَلى أنَّه شَديد العِقَاب..!
أمَّا العِبَارة الثَّانية التي تَقول: "صَلاتي رَاحتي"، فإنَّ كَاتِبها يُشير إلَى أنَّ الصَّلاة وَسيلة مِن وَسَائل الرَّاحة، وهو يَتّكئ في عَقلهِ اللا وَاعي عَلى أثَر نَبوي يَقول: "أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلاَل" -أي الصّلاة-، والرَّاحَة هي مَنطقة أكثَر سَلَامة وأمنَاً مِن "مَفهوم النَّجَاة"..!
ولَو نَظرنا إلَى العِبَارة الثَّالثة القَائلة: "صَلَاتي سَعادتي"، فإنَّ مُبتَكِر هَذه العبَارة يَبني عَلاقته مَع الله –عَزّ وجَلّ- عَلى مَبدَأ الرَّحمة، وأنَّه وَاسع المَغفرة، كَمَا يَتّكئ أيضاً عَلى قَول الله –جَلّ وعَزّ-: (أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ)، فالصَّلاة هي رَاحة واطمئنَان، ونَجَاة وسَعَادَة..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: يَبدو لِي والله أَعلَم –كعَامِل تَفكيك وحَفْر في المُفردَات- أنَّ عبَارة "صَلاتي سَعادتي"؛ هي أكثَر العِبَارَات نَجَاحاً وفَلَاحاً وتَوفيقاً، وهي مُنسجمة مَع قَول "الحطيئة" حِين قَال:
وَلَسْتُ أَرَى السَّعَادَةَ جَمْعَ مَالٍ
وَلَكِنَّ التَّقِيّ هُوَ السَّعِيدُ
أحمد عبدالرحمن العرفج
تويتر: Arfaj1
Arfaj555@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق