الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

سَكَاكِين الشّعُوب ..!

سَكَاكِين الشّعُوب ..!

نظريّة الماء والتّربة مِن أعمق نظريّات العلم الحديث، وهذه النّظريّة تقوم على افتراض تأثُّر الإنسان بالمكان والزَّمان، اللذين نشأ بهما، وانعكاس ذلك كُلّه على سلوكه وأفكاره، وأفعاله وردودها، مُكوّناً بذلك مجموعة العناصر التي يَتعاطى فيها الحياة بكُلِّ أطيافها، وانقلاباتها ومنقلباتها!
ونظريّة الماء والتّربة تُعطي للمُتأمِّل فرصة لتجاوز (كثير الصّعاب)؛ التي تُواجه المُسافر والمُهاجر والمُتنقِّل!
وسوف (أمرق) وأَمُرّ على فكرة واحدة، وأرصد مثلاً واحداً يتداوله أكثر شعوب الأرض، وطريقة التّعبير في ردة فعلها!
تقول الفكرة: إنَّ الإنسان إذا سَقط؛ فَرح النَّاس وتشمَّتوا بسقوطه، وأخذوا ينهشون لحمه ودمه، والإنسان بطبيعته يدرس كُلّ ما هو على الأرض!
هذه الفكرة سوف نمرّ على بعض أقوال الشّعوب حولها، ليُصنِّف كُلّ قول عقليّة أهله، ومستوى الوعي الثَّقافي الذي يتمتَّعون به.. تاركين للقُرَّاء الواعين معرفة البعد النَّفسي والاجتماعي والثَّقافي، بل والعدواني لكُلِّ شعب!
في اليونان يقولون:
(عندما سقطت السّنديانة، بات كُلّ واحد حطَّاباً)!
وفي فرنسا يقولون:
(عندما يقع الذّئب في الفخِّ، تَنهش كُلّ الكلاب كتفه)!
وفي بلاد فارس يقولون:
(عندما يَغرق الكلب يُقدِّم إليه الجميع الماء ليَشرب)!
وفي الصين يقولون:
(عندما يسقط الإنسان في البئر يُلقى إليه بالحجارة)!
وفي تركيا يقولون:
(إذا احتَرَقَتْ لحيتي يأتي الآخرون لإشعال سجائرهم)!
وفي جورجيا يقولون:
(عندما تُقتلع الشّجرة مِن جذورها، ينقضّ عليها النَّمل)!
وفي الهند يقولون:
(على الإنسان الواقع أرضاً تنهال كُلّ العُصي)!
وعن العرب قول يقول بالعربي الفصيح:
(عندما تَقع البقرة يَكثر السَّالخون)!
وفي أمثال العرب المحكيّة (الشعبيّة) يقولون:
(إذا طَاح الجَمَل كَثرت السّكاكين)!
هذه جولة خاطفة في رؤوس الشّعوب التي احترقت؛ لتَظهر هذه (الأفكار) التي تَدلّ على روح العداء الدّفين في النّفس البشريّة، وعلى القارئ الفَطن مراعاة فوارق التّشبيه بين الذي ضرب مثله ببقرة، وبين الذي ضربه بالشّجرة، والآخر الذي ضربه بالذّئب، والرَّابع الذي اتّخذ الكلب مثلاً، والخامس الذي جعل السّجائر همًّا يَحرص على تعاطيها!
ولكن تذكَّر أنَّ العرب اختاروا البقرة، في زمن قد تتشابه فيه البقر!
بِقَدْر الصّعُود يَكُون الهبُوط
فإيَّاك والرُّتَب العَالية!
وَكُن فِي مَكَانٍ إذَا مَا سَقَطْتُ
تَقُوم وَرِجلَاك فِي عَافية!
أعاذنا الله وإيَّاكم مِن شرِّ السّقوط، وسوء الهبوط!.

أحمد عبدالرحمن العرفج

Arfaj555@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

لكُلِّ مثابرٍ نصيب.. مِن دأب النجيب!